أكد الكاتب والباحث الأكاديمي الأردني وليد عبد الحي، هذا الأربعاء، وجود إثباتات بوجود "تخطيط صهيوني متزايد لخلق حالة اضطراب في الجزائر وانهاكها بهدف جرّها إلى ميدان التطبيع".
في تحليل نشره على صفحته بمنصة التواصل (فيسبوك)، غداة إعلان الجزائر عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، قال الأكاديمي الأردني: "إنّ قرار الجزائر لم يشكل أي نوع من المفاجأة"، مؤكّدا أنّ "العلاقات المغربية الصهيونية ليست بعيدة عن توتر العلاقات المغربية الجزائرية".
ولفت الكاتب إلى أنّه سبق وأن حذّر في أحد مقالاته عن العلاقات الصهيونية المغربية، من "الاهتمام الصهيوني المتزايد بشكل كبير في الجامعات ومراكز الأبحاث الصهيونية بدراسة الجزائر"، مع نشره قائمة من هذه الدراسات، مشيرا إلى أنّ الطرف الجزائري "تجاوب" مع تحذيراته من "التخطيط الصهيوني المتزايد لخلق حالة اضطراب في الجزائر".
في هذا السياق، أوضح وليد عبد الحي أنّ استطلاعات الرأي الصهيونية، تشير إلى أنّ "الصهيونيين يعتقدون أنّ المجتمع الجزائري هو المجتمع العربي الأكثر كراهية للصهاينة، والذي يجب جرّه إلى ميدان التطبيع أو انهاكه"،
وأضاف عبد الحي أنّ علاقات المغرب مع دولة الاحتلال الصهيوني بدأت بشكل سري منذ بداية الستينات من القرن الماضي، عندما أرسل الكيان للمغرب في أكتوبر عام 1963 طائرات حربية ودبابات من صنع فرنسي عبر صفقة رتّبها شاه ايران لمواجهة القوات الجزائرية، مستندًا في ذلك على معلومات موثقة في دراسة بعنوان (اسرائيل والمغرب) للباحثة إينات ليفي عام 2018 في معهد السياسات الخارجية الاقليمية التابع لدولة الكيان الصهيوني.
وجاء في الدراسة ذاتها، بحسب وليد عبد الحي، أنّ الدولة العبرية زوّدت المغرب بطائرات من دون طيار (المسيرة) عام 2013 عبر فرنسا، ناهيك عن قيام المغرب بتعديل دستوره عام 2011، ونصّ ذاك الدستور على اعتبار التراث "العبري- اليهودي جزءًا من مكوّنات التراث المغربي، وهو نص لا يوجد في دستور أي بلد عربي او اسلامي".
ونتيجة هذا التعديل الدستوري، تمّت إعادة ترميم وصيانة كافة المعابد والمدراس والمقابر اليهودية في المغرب، بل جرى اعادة اطلاق أسماء يهودية على بعض المعابد وبمشاركة من الملك المغربي الحالي وفي العام الذي فاز فيه "حزب العدالة والتنمية" في الانتخابات.
المغرب ساعد الكيان في اختراق المنطقة العربية
أشار الكاتب الأردني في مقاله إلى الدور الذي يلعبه اللوبي اليهودي خاصة من يهود المغرب في تعزيز العلاقات الأمريكية المغربية، مقابل تطوير العلاقات الصهيونية المغربية، باعتبار الجالية المغربية اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة يصل عددها طبقًا لإحصاء سلطات الكيان إلى حوالي نصف مليون (35 % منهم من مواليد المغرب والباقي أبناءهم)، وهي ثاني أكبر الجاليات اليهودية بعد اليهود الروس.
وذكر وليد عبد الحي أنّ الحكومات الثلاث الأخيرة في الكيان الصهيوني (حكومتا نتنياهو السابقتين وحكومة نفتالي بينيت الحالية) ضمّت ما مجموعه 21 وزيرًا من أصول مغربية.
وفي تطرقه إلى الدور الدبلوماسي للمغرب في مساعدة الكيان لاختراق المنطقة العربية، عدّد الكاتب الاردني مختلف الأدوار التي أدّاها المغرب في هذا الشأن ومنها ترتيب الملك المغربي اتفاقيات كامب ديفيد في لقاءات سرية بين السادات والقيادات الصهيونية في المغرب، إلى جانب تسريب الرباط مضامين اجتماعات القمم العربية عبر التسجيلات السرية، كما ساهم المغرب في موضوع اختطاف طائرة قادة الثورة الجزائرية وتسليمهم للمخابرات الفرنسية، مثلما تعاونت الرباط مع مخابرات غربية وصهيونية للتخلص من الزعيم المغربي المعارض المهدي بن بركة عام 1965.
وعلى صعيد السياسة الداخلية المغربية، لفت وليد عبد الحي إلى أنّ المغرب نظّم في ستينات القرن الماضي تهجير اليهود إلى فلسطين "رغم أنّ معظمهم لم يكن يريد الهجرة"، بحسب اعتراف شيمون ليفي (الذي عمل في متحف الدار البيضاء) لصحيفة "المساء المغربية" عام 2009، كما أنّ أول لقاء علني بين رئيس الوزراء الصهيوني السابق شيمون بيريز والملك الحسن الثاني كان عام 1986، وأعقب ذلك في عام 1994 افتتاح مكتب الارتباط للكيان في الرباط، وأعقب ذلك سنة 1996 افتتاح المكتب المغربي في تل أبيب، وتبع ذلك عام 1999 اصدار دولة الاحتلال الاسرائيلي طابعًا بريديًا حمل صورة الملك المغربي، وهي السنة التي ارتفع فيها التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي خمسين مليون دولار ليصل إلى أكثر من 87 مليون دولار عام 2015، في وقت خمسين ألف صهيوني المغرب.
وأضاف وليد عبد الحي أنّه في عام 2000 قام وفد من سلاح الجو الصهيوني ضمّ 25 خبيرًا بزيارة المغرب واجتمع مع العسكريين المغاربة، وبعدها وصل المغرب ممثلون عن 24 شركة ممثلة لدولة الكيان من مختلف القطاعات الانتاجية، وفي عام 2003 زار وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم الرباط، حاملاً رسالة من رئيس الوزراء الصهيوني أريال شارون ، وبعدها بعام التقت تسيبي ليفني وزيرة خارجية الكيان نظيرها المغربي وقتذاك محمد بن عيسى، وفي عام 2019 التقى نتنياهو بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.