قوات الأمن المغربية تقمع محتجين ضد الفقر وتدهور الوضع المعيشي في البلاد

من الأرشيف

قمعت قوات الامن المغربية مساء الأحد,  محتجين خرجوا للتنديد بالفقر والفوارق الاجتماعية وتدهور الوضع المعيشي  للمواطنين, أمام مبنى البرلمان في الرباط, وفي عدد من مدن المملكة, وذلك  بالتزامن مع إحياء اليوم العالمي للقضاء على الفقر.

وقد شهدت 34 مدينة مغربية وقفات احتجاجية, دعت لها الجبهة الاجتماعية  المغربية, بمشاركة عدد من الهيئات والنشطاء, حيث رفع المتظاهرون شعارات "وقف  الفقر" و"ضمان العيش الكريم للمغاربة", حسبما أفاد به الإعلام المحلي.

وعبر المحتجون خلال وقفاتهم عن تنديدهم بالفوارق الطبقية والمجالية التي  يعرفها المغرب, فضلا عن الارتفاع الكبير لأسعار عدد من المواد الأساسية وعلى  رأسها المواد الغذائية, مطالبين بالتوزيع العادل للثروة.

ومنعت القوة العمومية التي أحاطت بجنبات البرلمان المغربي تنظيم الوقفة بشكل  تام, ليتفرق المحتجون في شارع محمد الخامس, قبل أن يعودوا للتجمع مجددا أمام  أحد المقاهي.

وذكر الإعلام المغربي, أن محيط ساحة البرلمان بالرباط شهد حضورا أمنيا, وجرى  التدخل بالقوة لمنع الوقفة, حيث تم دفع المحتجين بعيدا,  وهو ما استنكروه  ونددوا به,  مؤكدين على حقهم في الاحتجاج.

وفي مدينة خنيفرة, عبر المشاركون في الوقفة عن رفضهم واستنكارهم للمنع الذي  تعرضوا له في ظل الحكومة الجديدة, وحرمانهم من حقهم في التعبير.

وبهذا الشأن, قال القيادي في صفوف "حزب النهج الديمقراطي" عبد الحميد أمين,  أن الوقفة تأتي تزامنا مع اليوم العالمي للقضاء على الفقر وتشهدها أزيد من 30  مدينة مغربية مؤكدا "رفضه القاطع لكل أشكال الفقر ومسبباته في الوطن".

وأضاف أمين - في تصريح نقله الإعلام المغربي - أن "المغاربة جميعا يريدون عيش  حياة كريمة"- منتقدا العنف الذي طال الوقفة وأضاف قائلا : "على الشعب أن يدرك  جيدا أنه لا قضاء على الفقر سوى بوقف الرأسمالية المتوحشة والعلاقات المخزنية  داخل الدولة".

وأشار إلى أن "قمع هذه الوقفة مرفوض ويكشف بالملموس خوف السلطات من عودة  الاحتجاجات", قبل أن يؤكد أن هذه احتجاجات أخرى "قادمة لا محالة", معتبرا أن  "المغاربة لن يصمتوا على الظلم". 

من جهتها, قالت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان خديجة  الرياضي, إن "قمع هذه الوقفة مدان ويؤكد استمرار دولة الاستبداد والفساد  وحماية السياسات التفقيرية وناهبي المال العام بالبلد".

وأضافت الرياضي - في تصريح  صحفي للإعلام المغربي - أن "الجائحة بينت  بالملموس أن المغرب دولة فقيرة يعاني فيها المعوزون في مقابل تراكم الثروات  لدى فئة معينة" مضيفة  "الدولة تدعم الأغنياء فقط وتحارب الفقراء".

وفي سياق متصل, لفت  منسق الجبهة الاجتماعية يونس فراشين , إلى أن "اختيار  تاريخ اليوم العالمي للاحتجاج على الفقر له دلالة ورمزية خاصة في ظل الحاجة  الاجتماعية والفقر الذي تعيشه الأسر المغربية حيث إن خمسة ملايين أسرة طلبت  الدعم خلال الجائحة".

وسجل فراشين في تصريح لموقع "لكم" المغربي, أن "الهشاشة والفوارق الاجتماعية  والطبقية مستفحلة في المغرب والسياسات المتخذة تزيد في تعميقها".

كما لفت إلى "الارتفاع الصاروخي للأسعار بشكل غير مبرر والاستمرار في سياسة  الخوصصة التي ستزيد من تفقير المغاربة".

واعتبر منسق الجبهة الاجتماعية أن "احتجاجات الأمس تأتي في سياق تشكل حكومة  جديدة ونموذج تنموي جديد, من أجل إسماع الصوت, والتنبيه إلى ظروف الفقر التي  يعيشها عدد كبير من المغاربة".

والجبهة الاجتماعية "إطار تشاوري منفتح وتفاعلي يقوم بمبادرات مشتركة تهم  مجالات محاربة الفساد والاحتكار والريع, فضلا عن تشغيل الشباب ومناهضة  القوانين التراجعية في المجالات الاجتماعية والحقوقية", وفق أعضائها.

ولا يزال المغرب دولة غير متكافئة إلى حد كبير, حيث أن ما يقرب من واحد من كل  اثنين من المغاربة يعتبر نفسه فقيرا, وفقا لدراسة أجراها المرصد الوطني  المغربي للتنمية البشرية, الذي يقيس مستوى الفقر في المملكة.

ويغطي المسح الفترة ما بين 2012-2019 و لا يأخذ في الاعتبار وباء (كوفيد-19)  الذي ضرب البلاد بشدة, والذي زاد من هذا الشعور.

ويمس الفقر سكان المناطق الريفية خاصة, حيث يعتبر ما يقرب من 60 من هؤلاء  السكان أنفسهم فقراء , كما أن حوالي 64 من سكان الريف لا يحصلون على مياه  الشرب, 40 منهم في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة (شمال) التي كانت مسرحا لحراك  اجتماعي كبير (حراك الريف) في عامي 2016 و 2017. 

وتسببت تداعيات الأزمة الاقتصادية لجائحة (كوفيد-19), في تضاعف معدل الفقر 7  مرات في المغرب ومعدل الهشاشة مرتين, حسب دراسة حكومية نشرت في وقت سابق من  العام الجاري.

وقالت هيئة الإحصاءات الرسمية إنه "في سياق الأزمة الصحية, تضاعف معدل الفقر  7 مرات على الصعيد الوطني, حيث انتقل من %1.7 قبل هذه الأزمة إلى %11.7 خلال  الحجر الصحي", الذي استمر أزيد من ثلاثة أشهر. 

كما تضاعف معدل الهشاشة "بأكثر من مرتين حيث انتقل من  %7.3 قبل الحجر الصحي  إلى %16.7 أثناء الحجر", خصوصا في الأرياف. وحتى قبل ظهور الجائحة نبهت تقارير  رسمية إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية والمجالية في المغرب.

 

العالم