شرع الوزير الأول عبد المالك سلال هذاالثلاثاء في زيارة رسمية إلى الصين بدعوة من رئيس مجلس شؤون الدولة ورئيس وزراء جمهورية الصين لي كيكيانغ.
وسيجري الوزير الأول خلال هذه الزيارة محادثات مع نظيره الصيني ومسؤولين صينيين سامين حول سبل ووسائل تعزيز التعاون الثنائي وفقا لقرار رئيسي البلدين القاضي بتسجيل العلاقات بين البلدين في إطار شراكة استراتيجية شاملة.
وتأتي هذه الزيارة غداة انعقاد الدورة السابعة للجنة المختلطة الجزائرية-الصينية للتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني.
ويرافق الوزير الأول خلال هذه الزيارة التي ستتوج بالتوقيع على العديد من اتفاقات التعاون في شتى المجالات وفد هام يضم أعضاء من الحكومة و متعاملين اقتصاديين وطنيين.
وعرفت العلاقات الجزائرية-الصينية خلال السنوات ال15 الأخيرة تطورا ملحوظا بدفع من قادة البلدين من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى على غرار تلك التي أجراها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنة 2000 و 2006 و 2008 و الرئيسان جيانغ زمين في 1999 وهو جينتاو سنة 2004.
كما دعمت هذا المسعى زيارات رئيس اللجنة الوطنية للهيئة الاستشارية السياسية للشعب الصيني يو زهانغشنغ في نوفمبر 2014 و زيارات مستشار دولة جمهورية الصين الشعبية يانغ جيتشي في فبراير 2015 ووزير التجارة الصيني غاو هو شينغ الذي ترأس مناصفة في 10 أبريل أشغال الدورة السابعة للجنة المختلطة الاقتصادية الجزائرية-الصينية مع نظيره الجزائري عمارة بن يونس.
و قد أفضى هذا التطور في العلاقات إلى التوقيع على شراكة استراتيجية بين الجزائر و بكين لتكون الجزائر بذلك أول بلد عربي أبرمت معه هذه الشراكة.
ويؤطر هذه الشراكة الإعلان السياسي الذي وقع عليه رئيسا البلدين في 25 ماي 2014 و الذي طبق من خلال المخطط الخماسي للتعاون الاستراتيجي الشامل 2014-2018 الموقع في جوان 2014 ببكين.
تحقيق توازن في المبادلات و تنويع العلاقات
وتنشط نحو 790 مؤسسة صينية في الجزائر لاسيما في مجال البناء و الأشغال العمومية و كذا الاستيراد و التصدير.
و قد أوكلت العديد من المشاريع خاصة في مجال البناء لمؤسسات صينية على غرار مشروع المسجد الكبير و أوبيرا العاصمة و كذا مشاريع السكن.
وعلى الصعيد الاقتصادي سيما فيما يخص العلاقات التجارية تعتبر الصين أول ممون للجزائر منذ 2013 (2ر8 مليار دولار سنة 2014) و عاشر زبون لها (8ر1 مليار دولار) بما يعود بفائدة كبيرة على الطرف الصيني مثلما تؤكده المستشارة القائمة بالأعمال في السفارة الصينية بالجزائر.
و يتطلع القادة الجزائريون إلى تغييره من خلال تحقيق توازن في المبادلات و "منح مضمون للشراكة" حيث أن الهدف يكمن في عدم الاكتفاء بعلاقات تجارية محضة.
و من ثم فان الجزائر تتطلع للاستفادة من تحويل التكنولوجيا والاستثمارات الصينية. و مطلوب أيضا قدوم المؤسسات الصينية إلى الجزائر بغية تحفيزها على الإنتاج هنا لتلبية احتياجات السوق الداخلية و اكتساح أسواق الدول المجاورة و كذا دول المتوسط.
وتمت الإضافة أن كل هذه العوامل كفيلة ب "إعطاء دفع" للعلاقات الجزائرية الصينية و ستساهم في إرساء شراكة رابح-رابح بين البلدين.
وتم التوضيح أن السلطات الصينية "ترحب" بهذه المقاربة و جد «متفتحة" على الاقتراحات الجزائرية علما بأن الجزائر بلد مستقر و ميسور.
علاقات تجذرت في سياق النضال
و إن كانت العلاقات الجزائرية-الصينية متوجهة أكثر نحو المسائل الاقتصادية إلا أنها تعود إلى فترة 1950 حيث منح الجيل الأول لقادة جمهورية الصين الشعبية دعما كبيرا للجزائر في نضالها من أجل التحرير الوطني و كانت الجزائر من بين أولى الدول التي اعترفت باستقلالها.
بالفعل فان الصين كانت أول بلد غير عربي اعترف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في سبتمبر 1958 و أقيمت العلاقات بين البلدين في 20 سبتمبر 1958.
و خلال سنة 1963 أرسلت الصين أول بعثة طبية إلى الجزائر و هو تقليد لا زال قائما إلى اليوم حيث أرسلت آخر بعثة (ال24 )بعد التوقيع على بروتوكول الاتفاق الخاص بها في مايو 2014.
بالمقابل فان الجزائر و دبلوماسيتها التي كان يقودها آنذاك الرئيس بوتفليقة لم تدخر جهدا من أجل مساعدة الصين على استعادة مكانتها المشروعة ضمن الأمم المتحدة.
وكللت هذه الجهود بالنجاح إذ استعادت جمهورية الصين الشعبية في 23 نوفمبر 1971 مقعدها كعضو دائم ضمن مجلس أمن منظمة الأمم المتحدة.
هذا و يجمع الجزائر و الصين تطابق في وجهات النظر حول "جل المسائل الدولية تقريبا" سواء ضمن مجموعة 77 و الصين (مجموعة 77+الصين) أو في المحافل الدولية.
و كمثال على ذلك فان الصين شأنها شأن الجزائر تدعم إصلاح مجلس أمن الأمم المتحدة من أجل ضمان تمثيل أكثر إنصافا لفائدة كل القارات سيما إفريقيا.
وفي هذا الجانب أبرز المحلل السياسي الدكتور اسماعيل دبش في تصريح للقناة الإذاعية الأولى أن العلاقات بين الجزائر والصين وصلت إلى مستوى استراتيجي بالنظر إلى عمق علاقاتهما المتجذرة في التاريخ.
من جهته يرى المحلل الاقتصادي عبد المالك سراي أن العلاقات الاقتصادية التي تربط البلدين ستدعم الجزائر في نهضتها الاقتصادية خاصة في عدة مجالات كقطاع السكن والنسيج والمياه وصناعة السيارات.
المصدر:الإذاعة الجزائرية