أشرف وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، أمس السبت، بمستغانم على تدشين المسرح الجهوي سي الجيلالي بن عبد الحليم -أول مرفق يشيد بعد الاستقلال على المستوى الوطني-، مؤكدا أن "هذا الصرح الثقافي هو أعظم هدية يمكن أن تقدم للإبداع الجزائري ولأرواح كل المسرحيين الجزائريين الذين أعطوا للمسرح الجزائري هذا الحضور والتميز والقدرة في أن يذهب بعيدا ليس على الصعيد الوطني والعربي فحسب ولكن على الصعيد العالمي".
و أضاف الوزير في تصريح صحفي"نشهد اليوم افتتاح المسرح الجهوي لمستغانم بمناسبة اليوم العالمي للمسرح والذي أنجز بالمعايير العالمية والمهنية" ، معتبرا إياه "مكسب كبير للمسرح الجزائري ولمدينة حافظت على الحركة المسرحية طويلا بأسمائها وقاماتها ورموزها وحافظت على استمرار الفن الرابع بحضوره القوي والمتجدد".
وأبرز ميهوبي أن هذا المرفق "يشكل ميلاد جديد للمسرح بمستغانم وبلا شك سيكون فضاء الذي يتيح لكل المحترفين والهواة فرصة إبراز قدراتهم ومهاراتهم" دعيا إلى المحافظة على هذا المكسب وحسن استغلاله واستثماره لصالح الثقافة و الإبداع.
كما أكد الوزير ميهوبي على أن يطور المهرجان الوطني لمسرح الهواة لمستغانم أدائه كون المدرسة الحقيقية للمسرح هم الهواة وهو الذين يعززون المسرح المحترف معلنا أنه سيتم تسطير العام المقبل بمناسبة مرور 50 سنة على تأسيس المهرجان برنامج متميز يليق بمن كانوا وراء تأسيس هذا الفضاء.
ودعا وزير الثقافة في كلمة ألقاها بذات المسرح إلى ترقية العمل المسرحي في الجزائر والبحث في تعزيز هوية المسرح الجزائري.
وأكد على ضرورة إجراء مرحلة تقييم للأعمال المسرحية و إضافة عناصر جديدة لتطوير لغة المسرح معلنا أنه يجري التفكير لإدخال المسرح في المدرسة.
و في سياق متصل، أكد مدير الثقافة لولاية مستغانم عبد العالي قوديد في تصريح للقناة الإذاعية الأولى، أن هذا المسرح يعتبر فضاء ثقافيا آخر حيث ستقدم من خلاله عروض فنية للجمهور، كما هو فضاء تكويني.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الهيكل يحتوي على ثلاثة طوابق وعلى قاعة للعرض تتسع ل 510 مقعد وأخرى للمحاضرات ورواقا للعرض ومقهى المسرح وورشة لصناعة الديكور، كما يتوفر على أحدث العتاد بتقنيات متطورة وفق المعايير المعمول بها دوليا.
يذكر أن قطاع الثقافة قد سطر برنامجا احتفاليا يدوم شهرا بمناسبة تدشين هذا المرفق يشمل عروضا مسرحية وفنية فضلا عن تكريم وجوه ثقافية ومسرحية وفنية.
سي جيلالي بن عبد الحليم مؤسس لأقدم مهرجان للفن الرابع في أفريقيا
يعتبر المسرحي الراحل سي جيلالي بن عبد الحليم (1920-1990) الذي يحمل المسرح الجهوي الجديد لمستغانم اسمه أحد أعمدة المسرح الجزائري
ومؤسس لأقدم مهرجان في أفريقيا وهو المهرجان الوطني لمسرح الهواة لمستغانم.
وكان سي الجيلالي من الأوائل الذين أرسو أسس وقواعد مسرح الهواة في الجزائر حيث انخرط في فوج "الفلاح" للكشافة الإسلامية الجزائرية عام 1937 لتكون بداياته الأولى مع الفن الرابع.
وقد مكنه نشاطه وبرامج الكشافة الإسلامية من إدراك عالم الفن والثقافة فبرزت مواهبه الإبداعية في مجال المسرح مسجلا حضوره وتألقه من خلال كتابة وإخراج عدد من المسرحيات منها "طبيب الأسنان".
كما قام باقتباس عدة مسرحيات منها للروائي والسينمائي الفرنسي ساشا غيتري ليتمكن سي الجيلالي فيما بعد بإقناع المسرحي ولد عبد الرحمان كاكي بالالتحاق بالمدرسة المسرحية ليسجل هذا الأخير أولى تجاربه في الجمعية الثقافية السعيدية بمستغانم.
كما كانت لعبد الحليم ابن حي "تيجديت" العتيق لمستغانم الفضل في تنشيط الحركة المسرحية بمستغانم من خلال إنشائه لفرقة "البدر" التي شاركت في تظاهرة الفرق المسرحية الهاوية بالعاصمة وأنتجت عدة أعمال.
ومن المحطات التي صنعت تاريخ مسرح مستغانم سنة 1966 عندما أثمرت تجارب سي الجيلالي وتكللت مسيرته مع رفيق دربه الراحل ولد عبد الرحمان كاكي بإعلان تجسيد مشروع تأسيس مهرجان مستغانم للفن الدرامي الذي ظل لسنوات عبارة عن فكرة تراود المرحوم لتنظم أول تظاهرة ثقافية في مجال المسرح سنة 1967 بمشاركة مجموعة من الفرق تحت إشراف الكشافة الإسلامية الجزائرية وكذا نقابة المبادرة السياحية لتبدأ بذلك قصة المهرجان الوطني لمسرح الهواة.
وبقي المرحوم محافظا على صلته بالمهرجان من خلال حضوره ومشاركته في عديد الطبعات إلى جانب كتابة وإخراج أعمال أخرى إلى أن وافته المنية في عام 1990 بمسقط رأسه مستغانم.
المصدر: الإذاعة الجزائرية