تعبر الحكومة في مشروع مخطط عملها, الذي سيعرض على البرلمان يوم الثلاثاء المقبل, وينقسم إلى خمسة فصول, عن "التزامها المطلق" بخدمة المواطن بما يضمن له حياة كريمة, وذلك في كنف "جمهورية جديدة نابعة من التطلعات الشعبية".
وفي الفصل الأول من مشروع مخطط العمل الذي صادق عليه مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي, تقترح الحكومة نمطا جديدا للحكم يتسم بـ"الصرامة والشفافية", وذلك من أجل "جمهورية جديدة نابعة من التطلعات الشعبية", ويرتكز هذا النمط على "إصلاح المنظومة التشريعية لتنظيم الانتخابات, أخلقة الحياة العامة وإصلاح تنظيم وأنماط تسيير الدولة وفروعها".
أما المحور الثاني من هذا الفصل, فيتعلق بالممارسة الكاملة للحقوق والحريات, حيث يشمل "حرية الاجتماع والتظاهر, إقامة مجتمع مدني حر ومسؤول, تعزيز الحوار والتشاور, ترقية المرأة وتحقيق استقلاليتها, وضع مخطط وطني لترقية الشباب, عدالة مستقلة وعصرية, ضمان أمن الأشخاص والممتلكات, تكريس حرية الصحافة ووسائل الإعلام, ترسيخ مكونات الهوية والذاكرة الوطنيتين وترقيتها وحمايتها وضمان علاقة تكاملية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية".
ويخص الفصل الثاني, الإصلاح المالي والتجديد الاقتصادي, ويشمل الإصلاح المالي, "مراجعة النظام الجبائي, اعتماد قواعد جديدة لحوكمة الميزانية, عصرنة النظام البنكي والمالي وتطوير المعلومات الإحصائية الإقتصادية والاجتماعية ووظيفة الاستشراف".
فيما يرتكز التجديد الإقتصادي, على "تعزيز إطار تطوير المؤسسة, التحسين الجوهري لمناخ الأعمال, ترشيد الانتشار الإقليمي للتنمية الصناعية واستغلال العقار الاقتصادي, التطوير الاستراتيجي للشعب الصناعية والمنجمية, تعزيز القدرات المؤسساتية في مجال التطوير الصناعي والمنجمي, تثمين الإنتاج الوطني, ترشيد الواردات وترقية الصادرات, تطهير المجال التجاري,الانتقال الطاقوي, فلاحة وصيد بحري عصريين من أجل أمن غذائي أمثل, من أجل صناعة سياحية وسينماتوغرافية حقيقية, تطوير منشآت لدعم تكنولوجيات الاعلام والاتصال واقتصاد المعرفة والتحول الرقمي السريع".
كما يتطرق ذات الفصل إلى مقاربة اقتصادية لمكافحة البطالة وترقية التشغيل, تنطلق من "تكييف برامج التكوين مع احتياجات سوق العمل,ترقية التشغيل ودعم استحداث النشاطات".
ويتناول الفصل الثالث من مشروع مخطط العمل, التنمية البشرية والسياسة الاجتماعية, وتشمل التنمية البشرية "التربية, التعليم العالي, التكوين المهني, الصحة والحصول على العلاج والثقافة وترقية النشاطات البدنية والرياضية ورياضة النخبة".
أما السياسة الاجتماعية, فتتعلق بـ "رفع القدرة الشرائية للمواطن وتعزيزها, التكفل بالفئات الهشة من السكان, الحفاظ على نظامي الضمان الاجتماعي والتقاعد وتعزيزهما, الحصول على السكن والتزويد بالماء الشروب والطاقة والتنقل والنقل".
كما يشير ذات الفصل إلى إطار معيشي "ذي نوعية", يتم تحقيقه من خلال "تهيئة الإقليم والمشاريع المدمجة, احترام قواعد التعمير والمعايير والبيئة والتنمية المستدامة".
وجاء الفصل الرابع بعنوان "من أجل سياسة خارجية نشطة واستباقية", فيما يتضمن الفصل الخامس "تعزيز الأمن والدفاع الوطنيين".
وتتصدر وثيقة مشروع مخطط العمل, ديباجة لخصت الأهداف التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها من خلال مختلف هذه النقاط, كما تضمنت هذه الديباجة "التزام" الحكومة بالتكفل بجميع انشغالات المواطنين والمواطنات وتوفير جميع الشروط المناسبة لمشاركتهم الكاملة والفعالة في تنمية البلاد, وحرصها أيضا على "اعتماد منهجية وعقيدة تضعان ضمن صميم أولوياتها انشغالات المواطن, الذي تعبر له عن التزامها المطلق بخدمته بما يضمن له حياة كريمة في كنف السلم والسكينة".
وأشارت الديباجة إلى هبة الشعب الجزائر "التاريخية والرائعة التي ميزها طابع سلمي لا مثيل له, وأكد من خلالها على تطلع قوي إلى التغيير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ودولة القانون", مؤكدة أن هذه "القيم الأساسية كانت منطلق الاحتياجات التي عبر عنها الجزائريون والجزائريات الذين خرجوا إلى الشارع بكل سلمية في 22 فيفري 2019, لوضع حد لأخطاء السلطة الحاكمة آنذاك, والمطالبة بإصلاحٍ حوكمة الدولة على نحو يصب في اتجاه بناء ديمقراطية حقيقية تمكن الشعب من أن يكون المصدر الوحيد لجميع السلطات".
وأضاف ذات المصدر, أن الحكومة ستجعل هذه "الديناميكية التاريخية من صميم عملها, وستسهر, مباشرة بعد مراجعة الدستور, على تجسيد التزام رئيس الجمهورية, المتمثل في إعادة النظر بشكل عميق في منظومة تنظيم الانتخابات بهدف جعلها وسيلة تعبير حقيقية للإرادة الشعبية".
-- وتتطلب تطلعات الشعب الجزائري التي عبر عنها من خلال هذه "الهبة السلمية والجديرة بالتقدير" --تضيف نفس الوثيقة--, تشييد "جزائر جديدة, فخورة بتاريخها الذي بني على تضحيات الملايين من الجزائريين والجزائريات, قوية بمؤسساتها التي يعاد بناؤها انطلاقا من رؤية وروح مبتكرتين وواعدتين بالحداثة والبراغماتية والعقلانية والشفافية والذكاء, ولاسيما في مجال الاقتصاد واقتصاد المعرفة".
وعبرت الحكومة في ذات السياق, عن عزمها "رفع هذه التحديات التي تترجمها جيدا رؤية رئيس الجمهورية الشاملة, التي تغذيها الحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وتلهمها التطلعات المعبر عنها بصفة واضحة وحاسمة من طرف المواطنين والمواطنات".
إنشاء بنك للسكن و صندوق للمؤسسات الصغيرة و الناشئة في 2020
ويتضمن مشروع مخطط عمل الحكومة من اجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إنشاء بنك للسكن و صندوقا خاصا بالمؤسسات الصغيرة و المتوسطة و الناشئة الى جانب فتح فروع للبنوك الوطنية بالخارج.
"ستشهد سنة 2020 إنشاء بنوك متخصصة وصناديق استثمار مخصصة على التوالي، للسكن والـمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الناشئة، فضلاذ عن انتشار بعض البنوك الوطنية في الخارج، من خلال افتتاح وكالات لها"، حسب مشروع مخطط عمل الحكومة الذي سيعرض امام نواب المجلس الشعبي الوطني يوم الثلاثاء المقبل من طرف الوزير الأول عبد العزيز جراد.
و تعتزم الحكومة القيام ب"إصلاح هام" للقطاع البنكي والمالي، من أجل عصرنته وتنويع الـمنتجات الـمالية، حيث سيتم التركيز أساسذا على تعميم وسائل الدفع الإلكترونية على عملاء البنوك، بهدف التقليل من الـمعاملات النقدية.
كما سيتم تشجيع الـمؤسسات البنكية و التأمينية على تنويع مصادر التمويل من خلال تنشيط سوق القروض وتعميم الـمنتجات الـمالية وتطوير سوق السندات و سيتم تحفيزها على استخدام الوسائل اللازمة لإدماج مالي واسع النطاق من أجل تشجيع الادخار وتجفيف السيولة المتداولة خارج الدائرة المصرفية وتوجيهها نحو الأنشطة الرسمية"، يضيف مشروع المخطط الذي تمت المصادقة عليه خلال الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء.
و تعتزم الحكومة أيضا دعم الـمؤسسات الـمصرفية و التأمينية من أجل تشجيع الابتكار الـمالي، وتوزيع الـمنتجات الـمالية الـمبتكرة، بما في ذلك طرح الأوراق الـمالية في السوق في إطار التمويل البديل مثل "الصكوك" وتطوير شبكات الدفع الإلكتروني.
علاوة على ذلك، فإن البنوك مدعوة إلى تحسين متابعة ديونها وتحصيلها، تحت سلطة ومراقبة بنك الجزائر.
و فيما يتعلق بالأسواق المالية، يمنح مشروع مخطط عمل الحكومة "أهمية خاصة" لتطوير البورصة، لكي تؤدي دورذا أساسيذا في تمويل المؤسسة وكذا في تنشيط أسواق رؤوس الأموال، وبالتالي في تحسين الكفاءة العامة للنظام الـمالي وفي تخصيص الـموارد الـمالية، حسب نص المشروع.
وفي الشق المتعلق بالإصلاح الموازناتي، فان الحكومة تمنح الأولوية لاستعادة "الانضباط و صرامة الميزانية"، والتي سوف تنعكس بتكريس أداء النفقات ومواءمتها مع الـموارد الـمالية الـمتوفرة.
و لضمان نجاعة الإنفاق العام، سيتم إنشاء آليات للمتابعة والتقييم الاقتصادي لكل تدبير يلتمس ميزانية الدولة، في إطار تعميم النظام المعلوماتي والتسيير المالي على جميع الدوائر الوزارية، مما سيعزز إنشاء إطار الإنفاق المتوسط المدى وإطار الميزانية المتوسط المدى اللذين يشكلان أداتين أساسيتين لتطوير مسار ميزانية متعدد السنوات، حسب مشروع مخطط العمل.
كما سيتم ضمان فعالية الإنفاق العام من خلال تنفيذ إصلاح تدريجي وشامل لعمليات الدعم العمومي، والتي يبلغ مستواها حالياذ حوالي 25 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، من خلال وضع نظام جديد لاستهداف فئات السكان الأكثر هشاشة.
و لدى تطرقه إلى تعزيز قدرات الدولة فيما يخص وسائل دعم القرار، يتضمن مشروع مخطط عمل الحكومة استكمال الدراسة الاستراتيجية بعنوان " رؤية الجزائر 2035"، التي ستستعمل كإطار مرجعي أساسي لـمختلف القطاعات.
كما يتضمن تطوير نظام وطني للمعلومات الإحصائية والاجتماعية يدمج معايير الشفافية والتحيين وتوثيق البيانات وسيولتها لفائدة الأعوان الاقتصاديين ومؤسسات الدولة.
و يؤكد مشروع المخطط أن الأداة الإحصائية "ستستفيد من تعزيز معتبر من حيث الموارد البشرية والـمادية".
وفـي هذا السياق، "ستشكل عملية الإحصاء العام للسكان والإسكان الـمقبلة، عنصرذا هامذا للحصول على رؤية أوضح، تدعيمذا للأعمال حول آفاق تطور الاقتصاد الجزائري وتحقيق رؤية +الجزائر 2035+"، يضيف مشروع مخطط عمل الحكومة
الجباية في خدمة النمو الاقتصادي والاجتماعي
ويتضمن مشروع مخطط عمل الحكومة من اجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تخفيفات جبائية لفائدة الطبقات المتوسطة و الهشة و لصالح المستثمرين مع زيادة الجهود لمكافحة التهرب الضريبي وتوسيع صلاحيات الهيئات المكلفة بالرقابة المالية.
وفي هذا الإطار، تعتزم الحكومة إلغاء الضريبة على الدخل الاجمالي بالنسبة للأجور التي لا تتجاوز 30 الف دج، حسب مشروع مخطط الحكومة التي سيعرض امام نواب المجلس الشعبي الوطني يوم الثلاثاء المقبل للمناقشة و المصادقة من طرف الوزير الأول عبد العزيز جراد.
و ستقوم الحكومة، على الخصوص، ب"مراجعة مستويات الضريبة على الدخل للأجراء بتكييفها حسب مختلف شرائح الدخل حسب مسعى يهدف إلى بلوغ العدالة الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، فإن الدخل الشهري الذي يقل عن 30.000 دينار، سيتم إعفاؤه من الضرائب"، يؤكد المشروع.
وتندرج هذه الخطوة ضمن الإصلاح الجبائي الذي يرمي إلى "الاستجابة لضوابط الاستشراف والاستقرار والتنافسية في مجال الجباية من جهة، وديمومة مناصب العمل والعدالة الاجتماعية من جهة أخرى، من أجل ضمان الـمساهمة العادلة في تمويل النفقات العمومية لمختلف فئات الخاضعين للضريبة".
و في هذا السياق، يؤكد مشروع مخطط عمل الحكومة ان السياسة الجبائية الجديدة تهدف إلى زيادة الإيرادات الجبائية لاسيما من خلال "توسيع النشاط الاقتصادي وليس من خلال رفع مستوى الضرائب".
وسعيا منه لتجسيد سياسة مالية "مجدّدة، تعتمد على ترشيد الإنفاق العام وتهدف إلى جعله دعامة لتحفيز النشاط الاقتصادي"، فإن مشروع مخطط عمل الحكومة يتضمن إجراءات لتحسين الجباية العادية بحيث يمكنها تغطية حاجيات ميزانية التسيير بشكل كامل في غضون 2024.
وفيما يتعلق بالجباية المحلية، فإن الحكومة تعتزم إجراء مراجعة تقوم على تنويع الإيرادات الجبائية المحلية من أجل تزويد الجماعات الـمحلية بموارد معتبرة من أجل تعزيز الـ"مدينية" بين الـمواطنين والجماعات من خلال توفير الخدمات الـمناسبة على الـمستوى المحلي.
وفي هذا الإطار، سوف يتم على الـمدى القصير، إلغاء الرسم على النشاط الـمهني، كما ستتم مراجعة الضريبة العقارية مراجعة "عميقة" في إطار الإصلاح الـمرتقب، الذي سوف يحدّد من جديد طرق تمويل الجماعات الإقليمية دون الـمساس بديمومتها، وفقا للشروح الواردة في مخطط عمل الحكومة.
من جهة أخرى، ستضع الحكومة إجراء "موحّدا" في مجال القرارات الجبائية بهدف تحقيق الشفافية والانسجام والأمن القانوني للـمتعاملين.
وبذلك، "سوف يتجسّد تبسيط النظام الجبائي الذي سيكون في صلب الإصلاح المرتقب، على الـمدى الـقصير، في إلغاء الرسوم ذات الـمردودية الضعيفة من جهة، ومراجعة نظام الـمزايا الجبائية و شبه الجبائية الذي ترتبت عليه في الـماضي انحرافات خطيرة، من جهة أخرى".
وإلى جانب ذلك، "ستعكف الحكومة على استحداث ضرائب جديدة تتصل برأس المال والثروة، مع الحرص على الحفاظ على أداة الإنتاج الـمنشئة للتشغيل والقيمة الـمضافة، وستسهر على دعم الاستثمارات التي تمكن من التنمية والنمو الاقتصادي الدؤوب، لاسيما منها الـمؤسسات الصغيرة والـمتوسطة والـمؤسسات الناشئة"، حسب نص مشروع المخطط.
كما ستضع الحكومة آلية للإعفاء الجبائي من أجل تشجيع الـمؤسسات على تعزيز تمويلها بمواردها الخاصة.
كما ستعزز، من جهة أخرى، تأطير مهنة الـمستشار الجبائي من باب الحرص على تعزيز الـمهنيين العاملين في هذا الـميدان.
من جهة اخرى، تلتزم الحكومة في مشروع مخطط عملها بمحاربة التهرب الجبائي "دون هوادة" وذلك بتطبيق العقوبات الـمنصوص عليها في القانون، والتي سيتم تشديدها.
وفضلاذ عن ذلك، تعتزم الحكومة الشروع في الإجراءات المناسبة من أجل تحسين بشكل محسوس فعالية تحصيل الضرائب وتقليص تكاليفه.
وفي هذا الصدّد، سيتم تزويد الإدارة الجبائية بالوسائل التي تسمح بمعالجة عمليات التصريح بالضرائب ودفعها عن بعد، كما ستزود هياكلها بالوسائل اللازمة قصد القيام بعمليات تقدير ودراسات الأثر بخصوص الأحكام الـمقترحة.
"وعلاوة على تبسيط الإجراءات الجبائية، ستسهر الحكومة على تحسين تنظيم الـمصالح الجبائية وتسييرها وعملها، عبر مواصلة جهود التكوين وتثمين الـموارد البشرية، من أجل ضمان مراقبة جبائية أحسن للخاضعين للضريبة"، يضيف مشروع مخطط العمل.
وبخصوص الحوكمة الـمالية، يتضمن المشروع إجراءات لتدعيم الوقاية ومحاربة الغش الـمالي بكل أشكاله حيث سيتم منح أهمية خاصة لتعزيز الرقابة الداخلية للإدارة الجبائية والجمركية.
ولـمحاربة الآفات المالية، سيتم حشد جميع وسائل الدولة من أجل تكثيف محاربة التصريح الكاذب والغش الجبائي وكذا الـمخالفات الجمركية، خصوصا في مجال تضخيم الفواتير وتهريب رؤوس الأموال، يؤكد نفس المصدر.
وستشهد أجهزة الرقابة، لاسيما مجلس المحاسبة والـمفتشية العامة للـمالية، توسيعا لصلاحياتها وتدعيما لوسائلها وذلك من أجل محاربة هذه الآفات، حسب مشروع مخطط عمل الحكومة الذي يتضمن أيضا تنصيب هيئة متعددة القطاعات قصد محاربة الغش الجبائي والـمالي بشكل فعّال.
وفي جانب آخر، سيتم إلغاء الضريبة على مداخيل العمل في البيت قصد تشجيع هذا النوع من النشاطات بينما ستستفيد النشاطات الحرفية من مزايا جبائية "معتبرة".
وعموما، فإن أي مشروع إصلاح جبائي يجب أن يشجع على التشغيل ويحرص على تحسين القدرة الشرائية لذوي الدخل الضعيف"، يؤكد مشروع مخطط عمل الحكومة.
وحول تنافسية وجاذبية الاقتصاد الجزائري للاستثمارات المباشرة الأجنبية، فإن الحكومة ستتخذ سلسلة من التدابير لطمئنة الـمستثمرين الأجانب المحتملين.
ويتعلق الأمر بوضع إجراءات "واضحة وشفافة" فيما يخص تحويل الأرباح بما يطابق المبادئ والقواعد الدولية، عصرنة النظام الجبائي للـملكية الفكرية عصرنة النظام المطبق على الشركات الرئيسية وفروعها، وكذا ضمان استقرار الأحكام القانونية التي تحكم النظام الجبائي الـمطبق على الاستثمار، وفقا مشروع مخطط العمل.
مشروع مخطط عمل الحكومة يكشف عن "إصلاحات" لتوسيع مجال حرية التعبير والصحافة
يؤكد مشروع مخطط عمل الحكومة، الذي سيعرض على المجلس الشعبي الوطني يوم الثلاثاء المقبل، على تبني "إصلاحات واسعة" من أجل توسيع مجال حرية التعبير والصحافة بشكل أمثل من خلال جملة من التدابير من بينها "مراجعة" القانون الـمتعلق بالإعلام وبالسمعي البصري و تحديد أطر قانونية للإشهار.
وفي هذا الخصوص أكدت الوثيقة أن الاتصال يشكل "تحديا كبيرا" يتعين رفعه، خصوصا وأن الأمر بات يتعلق بترقية الإصلاحات الدستورية الـمؤسساتية والسياسات العمومية، وهي ورشات كبرى للجمهورية الجديدة التي يعمل رئيس الجمهورية على إقامتها، منذ انتخابه يوم 12 ديسمبر 2019.
واضافت الوثيقة في هذا الجانب أن "الرقمنة المتنامية" في مجال إنتاج الـمعلومات وإيصالها ولاسيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي، جعلت المناهج التقليدية للإعلام والاتصال، على مستوى الهيئات والـمؤسسات وعلى مستوى المجتمع كله، "أمرا تجاوزه الزمن"، وبالتالي، يتعين "حتما الاستجابة لـمتطلبات الرقمنة من خلال إحداث ثورة في أنماط التفكير ومناهج الإعلام والاتصال".
وبغية الاستجابة "بذكاء ومنهجية، للاحتياجات الـملحة للرقمنة"، ستشرع الحكومة في "إصلاحات واسعة قصد توسيع مجال حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الاتصال، بشكل أمثل".
وفي هذا الشأن يشكل فضاء الحريات "توسيعا لدائرة الفرص، حيث تمارس هذه الحريات-- مثلما نص عليه المخطط-- دون قيود وفي كنف الطمأنينة، بعيدا عن مختلف أشكال المساس بهذه الحريات، الناجمة عن التطور الهائل للأنترنت واتساع نطاق شبكات التواصل الاجتماعي".
وأشار المخطط الى أن "التجاوزات وغيرها من مظاهر الانتهاك والمساس بالأشخاص والشخصيات المعنوية، لاسيما سهولة التشهير وبث أخبار كاذبة على نطاق واسع، تحتم علينا تحديد قواعد واضحة وفعالة تؤطر بقوة القانون الواجب الأخلاقي الذي يملي تقديم معلومات يمكن التحقق من صحتها، ومصدرها، وموثوقيتها ومصداقيتها".
كما أكد المخطط أن "التحول العميق" لقطاع الإعلام والاتصال، يقتضي "الشروع في سلسلة من الإصلاحات الكبرى والشاملة والـمنسقة"، لافتا الى أن "الأمر يتعلق بالقيام خصوصا بمراجعة جوهرية للقانون الـمتعلق بالإعلام وبالسمعي البصري، مع حمل، على الخصوص، القنوات التلفزيونية التي تبث برامجها من الخارج على الامتثال للقانون الجزائري وتشجيع إنشاء قنوات إذاعية في الفضاء الهرتزي وعبر شبكة الانترنت".
و نصت الوثيقة على أنه "سيتم تحديد أطر قانونية للإشهار، وسبر الآراء والصحافة الرقمية، والتشجيع على تطوير صحافة جوارية قريبة من واقع المناطق وسكانها"، كما ستتم "مساعدة الفاعلين في قطاع الإعلام والاتصال على تنظيم نشاطهم ضمن إطار جمعيات للدفاع عن مصالحهم ونقابات مهنية وإخضاع الـممارسة الحرة للنشاط الإعلامي لأخلاقيات الـمهنة التي سيتم الدفاع عنها في أطر منظمة".
من جانب آخر نص المخطط على "ترسيخ مكونات الهوية والذاكرة الوطنيتين، وترقيتها وحمايتها"، حيث أكد أن "الاعتراف بكامل تراثنا الثقافي واللغوي لشعبنا يحافظ ويعزز الوحدة الوطنية"، حيث أدرجت الحكومة ضمن مخطط عملها "محورا ذا أولوية" يصب في هذا الاتجاه، من خلال "ترسيخ وترقية وحماية مكونات الهوية الوطنية المتمثلة في الإسلام ،العربية والأمازيغية و كذا توطيد ارتباط شعبنا بتاريخه وثقافة أسلافه العريقة".
من جهة أخرى، وأمام "تصاعد الخطاب الـمحرض على الكراهية والفتنة، الذي يشكل خطرا حقيقيا على الوحدة الوطنية"، فقد أدرجت الحكومة، ضمن "أولى أولوياتها"، المبادرة بمشروع قانون يجرم كل أشكال العنصرية والجهوية والخطاب الـمحرض على الكراهية".
كما تعتزم الحكومة أيضا "تدعيم قواعد الـمرجعية الدينية الوطنية وتعزيز أسسها"، عبر "ترقية خطاب ديني يطبعه ويميزه الاعتدال والإنسانية والانسجام الاجتماعي والوسطية"، وكذا العمل على "نشر الثقافة الإسلامية الأصيلة وبث روح التسامح والحوار والـمشاركة الاجتماعية والتصدي لكل أشكال التطرف والتمييز والكراهية".
وفي هذا الجانب ستسهر الحكومة على "حماية النشاط الديني من أي انحراف وستعكف على تدعيم شبكة الـمنشآت الدينية قصد تعزيز مكانة المسجد والـمدرسة القرآنية والزاوية والفضاءات الدينية والروحية والثقافية، بهدف تمتين الأسس السليمة للـمجتمع الجزائري وتوطيد دور الشبكة الوطنية للهيئات التي تتكفل بتسيير النشاط الديني، حيث سيشكل جامع الجزائر الجديد مركزا للإشعاع الروحي والعلمي".
كما يتعلق الامر أيضا ب"تعزيز مكانة الممارسات الدينية العريقة للمجتمع الجزائري من أجل إحداث تأثير ديني يميزه الاعتدال والتسامح ونشر السلم في إفريقيا وفي بلدان أخرى في العالم"، ناهيك عن "ترقية الأملاك الوقفية وتعزيز نظام الزكاة بغرض تمكينهما من الـمساهمات أكثر في تدعيم التماسك الاجتماعي".
وفي سياق متصل، ستبذل الحكومة "الجهد الضروري من أجل تدعيم سياسة تكوين الأئمة من أجل ضمان تأطير أمثل للشبكة الوطنية للـمساجد والـمدارس القرآنية"، كما سيتم "تدعيم مسار التأطير الديني لفائدة الجالية الوطنية المقيمة في الخارج بهدف توطيد العلاقة التي تربطها بالوطن".
وحرصا منها على "تعزيز أسس الثقافة الوطنية ونسيج هوية أمتنا الثرية بتنوع روافدها"، تعتزم الحكومة "ترقية اللغة العربية وتعزيزها، ولاسيما من خلال تعميم استعمالها في الميادين العلمية والتكنولوحية وتدعيم وتعزيز استعمال تمازيغت في الـمنظومة التربوية".
كما ستعمل ايضا على "إعطاء الطابع الرسمي للغة الأمازيغية من خلال تدابير ترمي إلى إدماج هذه الأخيرة في مجالات الحياة العمومية ذات الأولوية، وفق مسار يتوخى الشراكة مع كافة الفاعلين في مجال ترقية اللغة والثقافة الأمازيغيتين، الذين سيشركون في الـمشروع الذي تعتزم الحكومة الـمبادرة به ضمن مسعى علمي يتميز بالرصانة، بهدف استعادة المراجع الثقافية واللغوية الأمازيغية عبر استعادة أسماء أماكنها العريقة، ولاسيما البلديات والـمدن التي ستستعيد تسميتها الأصلية".
وفي ذات السياق ستسهر الحكومة --مثلما جاء في مشروع المخطط-- على "ترقية الثقافة الأمازيغية بكل مظاهرها، مثلما ستعمل على إشعاع الثقافة الأمازيغية في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني".
وفي مجال صون الذكرة الوطنية ستسهر الحكومة على اتخاذ "كل التدابير والترتيبات التنظيمية والقانونية والمادية الرامية إلى صون الذاكرة الوطنية وضمان تكفل أمثل بهذه الفئة النبيلة من المجاهدين وذوي الحقوق"، ناهيك عن "تسوية الـملفات الـمتعلقة بمفقودي حرب التحرير الوطني وتعويض ضحايا التجارب والتفجيرات النووية واسترجاع الأرشيف الوطني واستعادة التراث الوطني الذي سلب إبان الحقبة الاستعمارية".
وفي سياق ذي صلة ستعمل الحكومة جاهدة على "ترقية تدريس التاريخ وتبليغه إلى الأجيال الصاعدة وتكثيف عمليات جمع وتسجيل الشهادات الحية من أجل تصنيفها واستغلالها".
وبشأن النشاط البرلماني نص المخطط على أن الحكومة ستعمل ايضا على "تحسين العلاقات الوظيفية بين غرفتي البرلمان وتعزيزها وتكثيف الجهود الرامية إلى ترقية ممارسة هذا النشاط من خلال المساهمة في تعزيز دور البرلمان، وذلك في ظل الاحترام الصارم لـمبدأ الفصل بين السلطات والأحكام الدستورية".
وفي هذا الإطار، حددت الحكومة من بين "أولوياتها التزام أعضائها الكامل بحضور الأشغال البرلمانية وبالرد على الأسئلة الشفوية والكتابية لأعضاء البرلـمان في الآجال الـمحددة في الدستور"،الى جانب "التزامها بتقديم بيان السياسة العامة سنويا".
وستعمل الحكومة، من جهة أخرى، على "دراسة أي مقترح قانون يبادر به أعضاء البرلـمان وتؤكد استعدادها التام لدراسة جدول الأعمال الـمقترح من قبل الـمعارضة البرلـمانية، طبقا للأحكام الدستورية".
وشدد مشروع المخطط على أن العلاقات بين الهيئتين التنفيذية والتشريعية يجب أن يميزهما "الاحترام والثقة الـمتبادلة، من خلال التزام أعضاء الحكومة باستقبال أعضاء البرلمان قصد الإصغاء لانشغالات مواطني دائرتهم الانتخابية، بهدف التكفل بها، وهو ما يجب أن تلتزم به كذلك السلطات الـمحلية، مما يعكس مدى احترام السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية".
ويهدف المسعى الذي تعتزم الحكومة انتهاجه، إلى" تعزيز روح الحوار والتشاور والتكامل الوظيفي التي ينبغي أن تميز العلاقة بين الحكومة والبرلـمان، مما سيساهم في تسريع مسار التنمية الوطنية وتحسين إطار معيشة الـمواطنين" كما ستسهر على "تجسيد مشروع إنشاء قناة تلفزيونية برلـمانية، بمساهمة البرلـمان، وذلك في الإطار الشامل للـمسعى الرامي إلى إضفاء مزيد من الشفافية على عمل السلطات العمومية.
مضاعفة جهود التنقيب و إنتاج المحروقات
ويهدف مشروع مخطط عمل الحكومة لتطبيق برنامج رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الى مضاعفة جهود التنقيب و إنتاج المحروقات مع العمل على تنويع الـموارد الطاقوية من خلال برنامج لتطوير الطاقات المتجددة يسمح بإنتاج 15.000 ميغاواط من الكهرباء في آفاق سنة 2035 منها 4.000 ميغاواط بحلول سنة 2024.
و حسب ما جاء في مشروع مخطط العمل، الذي سيعرض يوم الثلاثاء امام نواب المجلس الشعبي الوطني، فان هذا الانتقال من شأنه أن يمكن الجزائر" من التحرر بشكل تدريجي من التبعية للموارد التقليدية و إطلاق ديناميكية لبروز طاقة خضراء ومستدامة تعتمد على تثمين موارد لا تنضب".
و يتمحور مسعى الحكومة حول عدة اعتبارات تتمثل اساسا في الـمحافظة على الـموارد الأحفورية و تثمينها و تغيير نمط الإنتاج والاستهلاك الطاقوي الى جانب التنمية الـمستدامة وحماية البيئة و التحكم في تكاليف إنجاز منشآت الطاقات المتجددة.
و فيما يخص تطوير الطاقات المتجددة، مع مراعاة القدرات الـموجودة و كذا قدرات شبكتنا الوطنية لنقل وتوزيع الطاقة الكهربائية لامتصاص الطاقة الـمتجددة، سيتم وضع برنامج لتطوير الطاقات الـمتجددة بقدرة 15.000 ميغاواط في آفاق سنة 2035 منها 4.000 ميغاواط بحلول سنة 2024.
وفي هذا الصدد، أشار مشروع مخطط الحكومة الى أن تحقيق هذه القدرات لن يؤدي فقط إلى توفير ما يقارب 240 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي وبالتالي تجنب انبعاث 200 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون بل سيسمح أيضا بتطوير فعال لنسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على مجمل سلسلة القيمة للمكونات المخصصة للطاقات المتجددة.
و يشكل استبدال إنتاج الكهرباء على مستوى جنوب البلاد من الـمصدر التقليدي إلى الإنتاج بواسطة الطاقة الشمسية، بالنسبة للحكومة عملا ذا أولوية في هذا المجال.
وعليه، سيتم التعجيل بتكييف التنظيم الـمتعلق بتشجيع إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقات الـمتجددة، بحيث تدرج ضمنه الآليات الـملائمة للإنتاج الذاتي للسكنات.
و فيما يتعلق بسياسة الفعالية الطاقوية، ستسمح "التدابير الهامة" التي تعتزم الحكومة تنفيذها في مجال الفعالية الطاقوية بالحد بشكل كبير من التبذير والحفاظ على الموارد الطاقوية للبلاد.
وسوف يرتكز هذا المسعى، الذي سيُشجع في مختلف قطاعات النشاط على عدة تدابير تشمل تعميم عمليات العزل الحراري في البنايات الجديدة و إنشاء برنامج وطني لتحويل المركبات إلى غاز البترول المميع (GPL) (ج) وتطوير الغاز الطبيعي المضغوط (GNC) لمركبات النقل الجماعي.
كما تضم تدابير الحكومة تجهيز شبكة الإنارة العمومية و الإدارات العمومية بأجهزة إضاءة منخفضة الاستهلاك و وضع إطار تنظيمي يحظر استيراد و إنتاج المعدات كثيفة الاستهلاك للطاقة اضافة الى توسيع الجهاز الـمحفّز على الاستثمار ليشمل الشّعب التي تتيح توطين نشاطات إنتاج التجهيزات والمـكونات المخصصة للنجاعة الطاقوية.
وتشكل هذه التدابير استجابة مناسبة لتحدي الحفاظ على الطاقة مع كل الآثار المفيدة التي ستنجم عنها على الاقتصاد الوطني من حيث خلق فرص العمل والثروة بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة، يضيف محرروا مشروع مخطط عمل الحكومة.
و إلى جانب الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد الوطني في إطار مشروع التجديد الاقتصادي، ستعكف الحكومة في مجال الـمحروقات على تلبية الاحتياجات الوطنية و ضمان أمن التموين و كذا تزويد الاقتصاد الوطني بالموارد المالية.
و تستلزم هذه الـمقتضيات مضاعفة جهود التنقيب والاستكشاف، بما في ذلك في مناطق عرض البحر و شمال البلاد قصد الكشف عن احتياطات جديدة من المحروقات و الاستغلال الأمثل لـمكامن الـمحروقات من خلال استعمال مناهج الاسترجاع الـمدعم مع ضمان الـمحافظة على هذه الـمكامن و كذا تعزيز قدرات الإنتاج.
فضلاذ عن ذلك، حدّدت الحكومة برنامجذا لتثمين الـمحروقات من أجل إرساء صناعة بتروكيماوية و صناعة التكرير من خلال إطلاق مشاريع مدمجة ذات قيمة مضافة عالية مثل التكسير البخاري للإيثان لصناعة الـبوليمير والـمنتجات الـمشتقة و تطوير صناعة تحويل الفوسفات الى جانب تعزيز قدرات التكرير من أجل تلبية الطلب الوطني على الـمواد البترولية.
كما سيتم ضمان التموين المستمر للسوق الوطنية بالمواد البترولية، من خلال رفع قدرات تخزين الوقود إلى 30 يومذا مقابل 12 يومذا حاليذا.
أما فيما يتعلق بالمحروقات غير التقليدية، فإن الحكومة فضلا عن تكثيف جهودها لتحديد الإمكانات التي يزخر بها باطن الجزائر، ستشرع في إجراء دراسات مناسبة حول تأثير استغلال هذه الثروة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وستسهر على أن يحافظ أي استغلال محتمل لها على صحة الـمواطن و النظم البيئية وعلى وجه الخصوص على الـموارد الـمائية.
تبني نمط جديد للحكم يتسم بالصرامة والشفافية
يعتمد مشروع مخطط عمل الحكومة، الذي سيعرض على المجلس الشعبي الوطني، الثلاثاء القادم، على تبني نمط جديد للحكم يتسم بالصرامة والشفافية، و"يحدث قطيعة جذرية مع أنماط الحوكمة القديمة التي أدت إلى انحرافات وانزلاقات خطيرة".
وأكدت الحكومة، في مشروع مخطط عملها الذي صادق عليه مجلس الوزراء، الخميس الماضي، عزمها على المبادرة بمشروع شامل للإصلاحات الجذرية سيفضي إلى إقامة نظام حكم "حديث وعصري" سيشكل دعما قويا لتأسيس الجمهورية الجديدة".
ويرتكز هذا المسعى "الذي سيحدث قطيعة جذرية مع أنماط الحوكمة القديمة التي أدت إلى انحرافات وانزلاقات خطيرة"،على ثلاثة محاور في مقدمتها إصلاح المنظومة التشريعية لتنظيم الانتخابات، بحيث ستسعى الحكومة فور الانتهاء من الـمراجعة الدستورية، إلى "تكريس التزام رئيس الجمهورية بمراجعة جهاز تنظيم الانتخابات بما يجعله وسيلة حقيقية للتعبير عن الإرادة الشعبية".
ولهذا الغرض، تعتزم الحكومة "تعزيز الطابع الشامل" للسلطة الوطنية الـمستقلة للانتخابات، حرصا على تعزيز المسار الديمقراطي للبلاد من خلال ترسيخ مبادئ حياد وقانونية وشفافية ومصداقية العمليات الانتخابية، كما سيمكن إصلاح الـمنظومة التشريعية التي تحكم الانتخابات من تكريس انسحاب الإدارة من هذه العملية من خلال إنشاء الآليات اللازمة لضمان الاستقلالية التامة لهذه السلطة تجاه السلطة التشريعية والسلطة القضائية.
كما ستسهر الحكومة على تكريس المنظومة التشريعية الجديدة " بدقة ومواءمة" المعايير والشروط الـمطلوبة لجميع الـمرشحين للانتخابات، وتتعهد بأن يشمل مشروع مراجعة المنظومة القانونية التي تحكم النظام الانتخابي، على مجموعة من التدابير تهدف إلى بروز جيل جديد من المنتخبين أكفاء ونزهاء.
مكافحة الفساد ضمن صميم عملية إصلاح الدولة
وفيما يتعلق بأخلقة الحياة العامة، تعتزم الحكومة "إدراج مكافحة الفساد بجميع أشكاله،ضمن صميم عملية إصلاح مصالح الدولة"، وتراهن من وراء هذا المسعى "ضمان نزاهة وموضوعية واستقامة الأشخاص الذين يمارسون أعلى المسؤوليات على مستوى السلطة العمومية".
كما تعتزم الحكومة خوض معركة "حازمة" ضد الفساد والـمحاباة والـمحسوبية، وستجعل من هذه الـمعركة "التزاما حازما ومحور عمل ذا أولوية"، يتضمن مراجعة الأحكام القانونية الـمتعلقة بمكافحة الفساد، إعادة تكييف مفهوم المعاملة في بعض قضايا الفساد التي يتورط فيها أشخاص اعتباريون، وضع أحكام تشريعية بشأن حماية الـمبلغين عن الفساد، رفع مقدار العقوبات الـمالية الـمفروضة في جرائم الفساد لجعلها أكثر ردعا وتشديد الأحكام التشريعية والتنظيمية الـمتعلقة بمكافحة تبييض الأموال.
وستتولى الحكومة "وضع آليات جديدة للوقاية والرقابة"، من أجل ضمان نزاهة الـمسؤولين العموميين والتسيير السليم لأموال الدولة، كما تخطط لوضع منظومة قانونية تحدد لأعضاء الحكومة وسامي الـمسؤولين في الدولة، القواعد التي من شأنها "منع تضارب الـمصالح في الحياة العامة".
وفي إطار ذات المسعى، تعتزم الحكومة "إتاحة الولوج إلى البيانات الـعمومية" من أجل توفير قدر أكبر من الشفافية والـمسؤولية والفعالية في عمل السلطات العـمومية، إلى جانب وضع آليات جديدة تسمح للـمجتمع الـمدني ب"الـمساهمة بشكل كامل في بناء الـملك العام وإشراك الـمواطن في عمل السلطات العمومية".
وتدرج الحكومة في مخططها، إصلاح تنظيم وأنماط تسيير الدولة وفروعها كمحور ذي أولوية والذي سيشمل مجمل الهيئات العمومية الـمركزية والـمحلية.
وفي هذا السياق، يعتمد إصلاح تنظيم الإدارة على عدة محاور أهمها إعادة تنظيم وتأهيل وعصرنة المصالح الرئيسية للدولة والإدارات المركزية والـمؤسسات العامة، إعادة تأهيل أجهزة دعم الحوكمة، ولاسيما منها سلطات الضبط، إعادة تحديد دور كل مستوى إقليمي (البلدية، الدائرة، الـمقاطعة الإدارية)، إعادة تنظيم الشبكة اللامركزية للدولة بما يستجيب بشكل أفضل لأولويات الحكومة ووضع تقسيم إداري جديد يهدف إلى تغيير الهيكل الإقليمي للبلاد، من خلال إنشاء بلديات جديدة .
أما فيما يتعلق بإصلاح أنماط تسيير الإدارة العمومية، سيتم محاربة التبذير الناجم عن مقاربة ريعية وتقليص نفقات الدولة قصد استعادة الثقة التي فقدها الـمواطن في مؤسساته.