أكد وزير العدل حافظ الاختام، بلقاسم زغماتي ، هذا الأربعاء أن الذهاب الى دستور جديد أملته متطلبات الحفاظ على تماسك الامة ووحدة الشعب وصيانة كرامة المواطن.
وأوضح زغماتي أمام أعضاء لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني التي ناقشت على مدار يومين وثيقة مشروع التعديل الدستوري أن "الانزلاقات الخطيرة جدا" التي عاشتها البلاد كان سببها الرئيسي "الانفراد بالسلطة"، لذلك كان لزاما الذهاب إلى دستور جديد بوصفه "ضرورة ملحة أملتها متطلبات الحفاظ على تماسك الأمة ووحدة الشعب وصيانة كرامة المواطن".
وشدد الوزير على أن هذا المسعى "لن يتأتى إلا ببناء دولة المؤسسات وليس الأشخاص قصد الوصول إلى دولة تستجيب الى الطموحات المشروعة للشعب وعلى رأسها العيش في كنف الحرية والامن والطمأنينة الى جانب التوزيع العادل لثروات البلاد والابتعاد كليا عن كل أشكال الاقصاء والتهميش والعنصرية والجهوية وكذا تحقيق العدالة الاجتماعية".
وقصد محاربة كل تداعيات الوضع الحالي، اعتبر ممثل الحكومة بأنه "واجب علينا الرجوع إلى الصواب عبر ايجاد دستور جدي وتوافقي"، مؤكدا بأنه من "الضروري الاتفاق على المبادئ الكبرى التي تجمعنا من خلال هذا الدستور".
وتتجسد هذه المبادئ -وفق الوزير- في إقامة دولة الحق والقانون وإرساء قواعد الديمقراطية التشاركية وتجسيد فكرة التداول على السلطة والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤدي الى الانفراد بالحكم، لافتا إلى أن مشروع الدستور "سيحدد ربما مصير البلاد ومصير الاجيال القادمة".
وبالنسبة للسيد زغماتي فإنه "لا نجاح ولا نجاعة لدستور يجهل الحقيقة الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية للشعب الجزائري والأخذ في الحسبان تركيبته البشرية التي تفوق نسبة الشباب فيها 75 بالمائة معظمهم من خريجي الجامعات".
وتابع الوزير بالقول أن "الدستور الذي نحاول وضعه لا بد أن يستجيب لهذه المعطيات ومن أهمها أن الشباب أصبح اليوم طرفا في المعادلة ويجب التفكير جيدا في الآليات والسبل التي سيتم بها إقحام هذه القوة الحية في الحياة السياسية للبلاد".
وعبر وزير العدل حافظ الأختام عن قناعته بأن شباب الجزائر و بحكم نضجه ووعيه "لن ينخرط في أي مسعى سياسي إلا إذا اقتنع بنزاهته وشفافيته وصدق هدفه وتوفر النية الصادقة في التغيير الجذري لنظام الحكم والابتعاد عن ممارسات الماضي".
ومن أهم الآليات لبلوغ هذا المبتغى --يضيف الوزير - "محاربة المال الفاسد المتوغل في السياسة من خلال إعادة بناء مؤسسات الدولة من جديد على أسس صحيحة ومتينة والعمل على عدم سلب إرادة الشعب".
ولدى تطرقه إلى أسباب تحقيق هذا المبتغى، أشار زغماتي إلى أهمية طبيعة نظام الانتخابات في البلاد، قائلا بأنه إذا "صلحت الانتخابات صلحت العملية السياسية برمتها"، مشيرا إلى أن الفكرة المحورية التي يبنى عليها مشروع الدستور هي أن "الشعب مصدر كل سلطة والسيادة الوطنية ملك للشعب وحده".
هذا وقد رد وزير العدل حافظ الاختام خلال الجلسة على انشغالات وتساؤلات أعضاء اللجنة ذات العلاقة بفحوى التعديل الدستوري عموما حيث أكد بخصوص صلاحيات رئيس الحكومة والوزير الاول مثلا بأن مشروع الدستور "لم يفرق أبدا بينهما وأن ما ورد في مشروع الوثيقة كان خطأ ماديا وقد تم تداركه في النسخة بالعربية".
وحول ملاحظة قدمها أحد النواب فحواها أن كل دساتير الجزائر كانت دساتير أزمات، أكد الوزير أن هذه "حقيقة لا يمكن لاحد نكرانها"، مشددا على أن المشروع الحالي للدستور "حاول عدم السقوط في مثل هذه الهفوات".
وحول سؤال يتعلق بكيفية التطبيق الفعلي والصحيح للدستور، قال الوزير بأن الشعب الجزائري اليوم "أصبح واعيا بحقوقه الدستورية حتى وإن حاولت السلطات حرمانه منها فإنه سيطالب بها مهما كان ولذلك فإنه من الاحرى إعطائه إياها".
وحول عدم وضوح فكرة رئيس الحكومة والوزير الاول في مشروع وثيقة الدستور، اعتبر وزير العدل بان الامر "طبيعي وعادي جدا"، لان الدستور الجزائري -حسبه-- "لجأ الى هذه الثنائية لأول مرة".
وقال بان الفرق بين المفهومين مرده نتائج الانتخابات التشريعية التي من شانها تكريس منصب رئيس الحكومة اذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية، مقابل منصب الوزير الأول، اذا أسفرت هذه الانتخابات عن أغلبية رئاسية، مع النص على تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية و تمكينه من تشكيل حكومته واعداد برنامجه.
كما نوه زغماتي بما تضمنه مشروع التعديل الدستوري بخصوص دور المجتمع المدني في الحياة اليومية للمواطن ومرافقته للسلطات في توفير حياة كريمة لكل افراد المجتمع وذلك من خلال ادراج مادة جديدة (213) في الباب الخامس المتعلق بالهيئات الاستشارية، تتعلق بالمرصد الوطني للمجتمع المدني.