تحتضن تونس هذا الاثنين ملتقى الحوار السياسي الليبي والذي يعقد عليه الكثير من الآمال لتوصل الفرقاء إلى اتفاق يرسم خارطة طريق واضحة المعالم لتسوية الأزمة الليبية.
و يأتي تنظيم الحوار الليبي-الليبي الشامل في إطار العديد من الجهود الدولية والتي سجلت الجزائر فيها حضورا قويا بفضل مقاربتها السياسية للتسوية التي اجمعت العديد من الاطراف الدولية وحتى الليبية على انها تعد المرجع الأساسي لتسوية الأزمة الليبية، خاصة ما تعلق بحوار سياسي يفضي إلى بناء مؤسسات شرعية وموحدة عبر انتخابات نزيهة وشفافة تقود ليبيا إلى بر الأمان.
وأشاد في هذا الإطار مدير مركز "اسطرلاب" للدراسات في ليبيا، عبد السلام الراجحي، في تصريح ل(واج) بدور الجزائر "المميز والحكيم" في حلحلة الأزمة الليبية، و بتدخلها "الايجابي" لصالح الشعب الليبي، مؤكدا أن "المقاربة الجزائرية، التي ترافع من أجل إجراء انتخابات، و بناء مؤسسات شرعية في الجارة ليبيا، هي أساس حل الازمة الليبية".
وتقوم المقاربة الجزائرية، على ثلاثة مبادئ هي: "الحل السلمي مع رفض الحل العسكري، ووقف إطلاق النار والشروع في المفاوضات، مع رفض كل التدخلات الخارجية".
وكثفت الجزائر تحركاتها الدبلوماسية لحل الأزمة الليبية، من خلال مشاركتها بمؤتمر برلين في 19 يناير الماضي، ثم تنظيمها، بعد أربعة أيام، اجتماعا لدول جوار ليبيا الستة واستقبلت الجزائر عدة مرات، طرفي النزاع في ليبيا، ممثلين في رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، ورئيس مجلس النواب المنعقد بمدينة طبرق (شرق) عقيلة صالح، بجانب رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، ومسؤولين ليبيين آخرين.
كما تواصلت الجزائر مع الأطراف الدولية الفاعلة في الملف الليبي، على غرار تركيا وروسيا ناهيك عن تنسيق مواقفها مع كل من تونس ومصر، ضمن آلية ثلاثية للتشاور
و في تصريح للقناة الأولى أكد عضو المجلس الاعلى للدولة موسى فرج أن المواضيع الأساسية المدرجة في جدول الاعمال تتضمن إعادة هيكلة السلطة التنفيذية ، بحيث يكون مجلس رئاسي مكون من رئيس و نائبين فقط بدل ال 9 المنصوص عليهم في الاتفاق السياسي ، إضافة إلى تشكيل حكومة برئاسة رئيس وزراء ونائبيه منفصلة عن المجلس الرئاسي وطرح ملف المسار الدستوري
وجاء تنظيم أول لقاء للملتقى السياسي الليبي-الليبي الشامل عبر آلية التواصل المرئي عقب سلسلة من الاجتماعات التمهيدية عقدتها الأطراف الليبية في جنيف بناءا على مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا
و وجهت بعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا الدعوة لـ75 مشاركا ومشاركة يمثلون أطياف المجتمع الليبي مؤكدة أن اختيار المشاركين، جاء بناء على مبادئ الشمولية والتمثيل الجغرافي والسياسي والقبلي والاجتماعي العادل.
وقالت إنها تضم ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بالإضافة إلى القوى السياسية الفاعلة من خارج نطاق المؤسستين، في ظل التزام راسخ بالمشاركة الهادفة للمرأة والشباب والأقليات، حتى يكون الحوار شاملا لكافة الأطياف.
و بشكل عام، يهدف الحوار السياسي هذا، إلى إجراء انتخابات في أقصر إطار زمني، في وقت يستمر فيه التنسيق التونسي مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والدول الراعية لإعلان برلين.
لقاء لنقل ليبيا الى بر الامان
يأتي استئناف ملتقى الحوار السياسي الليبي في وقت يسود فيه أمل كبير عقب التوقيع على اتفاق وقف دائم لإطلاق النار في جميع أرجاء ليبيا يوم 23 أكتوبر.
وقالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، إن منتدى الحوار بتونس يمثل فرصة لليبيا لم تشهدها منذ عام 2014، للعمل على أساس مخرجات مؤتمر برلين وقرارات مجلس الأمن التالية وهي 2510، و2540، مؤكدة أن الحوار سيدور حول الانتخابات المبنية على أساس دستوري لحل أزمة الشرعية، حيث تعتبر الانتخابات الهدف الأكثر أهمية .
والتزاما من البعثة لضمان الشفافية، تم إطلاق عدد من المنصات الرقمية ليتمكن الليبيون من متابعة ما يجري داخل غرفة الحوار.
ويأتي تنظيم اللقاء في ظل الأوضاع "غير الثابتة" في الفترة الحالية، في ظل عديد المشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية والإجتماعية، فضلا عن جائحة فيروس كورونا، في ظل منظومة صحية منهارة، بالإضافة إلى أزمة النازحين داخل ليبيا والمهجرين خارجها، وهو ما يمثل دافعا أساسيا لتوحيد مؤسسات الدولة.
ونفس الأمل يحذو القيادة التونسية التي توقعت على لسان المتحدث باسم الرئاسة وليد الحجام، أن يتوصل المشاركون بالمنتدى، إلى "اتفاق تاريخي" ينهي الأزمة الليبية.
وأضاف قائلا "نحن متفائلون بوصول هذا الملتقى إلى مخرجات تمكن الشعب الليبي من وضع خارطة طريق واضحة المعالم، من انتخابات ومؤسسات تستمد مشروعيتها من الشعب الليبي وتتفرغ للبناء وإعادة الإعمار".
ووصف الحجام، الحوار الليبي المزمع، ب"المهم جدا" على مستوى مسار التسوية السياسية للأزمة في ليبيا، مؤكدا أنه سيمثل تتويجا لمسار طويل من المشاورات وتنسيق التعاون بين تونس والبعثة الأممية التي تتخذ من تونس مقرا لها.