يتضمن مخطط عمل الحكومة الذي صادق عليه مجلس الوزراء وسيعرض قريبا على البرلمان قصد مناقشته وإثرائه, جملة من التدابير من شانها الحفاظ على التراث المادي واللامادي وتثمينه وتفعيل دوره الاقتصادي والاجتماعي والتربوي.
وستولى الحكومة كل الاهتمام المطلوب للبعد المتعلق بالحفاظ على كل التراث الوطني الثقافي، المادي وغير المادي وترقيته حسب نسخة من مخطط عمل الحكومة الذي تحوز واج على نسخة منه.
وستعمل الحكومة على استكمال مسار مراجعة الترتيب التشريعي والتنظيمي للتراث الثقافي و تأمين المواقع الأثرية ووضع أجهزة الإنذار وآليات الكشف عن الجرائم المرتكبة في حق التراث الثقافي.
في نفس الاطار، سيتم تعزيز التنسيق في مجال محاربة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.
كما ينص المخطط على تكثيف أشغال ترميم المواقع الأثرية والمعالم التاريخية وفق برنامج متعددة السنوات من خلال إيلاء الأولوية للمساجد والزوايا، وكذا المواقع المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي، فضلا عن مواصلة عمليات الجرد والتصنيف والترميم المتعلقة بالمواقع الأثرية والمعالم التاريخية والممتلكات الثقافية.
وفيما يخص التراث اللامادي، اقر المخطط على تسجيل ورقمنة التراث غير المادي قصد "ترقية الثقافات الشعبية ضمن جميع تنوعاتها وتعابيرها اللسانية".
وستحظى من جهتها السياحة الثقافية باهتمام الحكومة التي أكدت عن ارادتها في "ترقية الفرص السياحية فيما يخص المواقع والآثار والمتاحف وإقامة مسارات سياحية" مع القطاعات المعنية من أجل تطوير السياحة الثقافية، و ذلك من خلال تكوين المرشدين السياحيين في المواقع الثقافية المحمية وفي المتاحف.
وفي شقه المتعلق بالفنون، تضمن المخطط تدابير تتعلق بتنظيم ورشات للمسرح والكتاب والتفكير التشاركي للأطفال، من خلال مشاركة الجمعيات في تكوين الشباب على التنشيط الثقافي والفني، الى جانب تنظيم العروض السينمائية والمسرحية الى جانب المعارض الفنية في المدارس وكذا إنشاء نوادي السينما على مستوى الثانويات و الجامعات.
كما ستعمل الحكومة أيضا على إحداث "بيئة ملائمة لظهور وازدهار المواهب والملكات الفنية"، ولاسيما من خلال ترقية المواد المدرسية والجامعية الفنية وإحداث البكالوريا الفنية.
ترسيخ وتعزيز وحماية مقومات الهوية الوطنية والذاكرة
يركز على ترسيخ وتعزيز وحماية مقومات الهوية الوطنية والذاكرة.ويولي مخطط العمل الذي تحوز واج على نسخة منه, اهتماما خاصا للمرجعية الدينية الوطنية واللغتين العربية والأمازيغية, حيث تلتزم الحكومة بوضع مقاربة لدور الدولة في الحفاظ على التراث التاريخي والثقافي المادي وغير المادي وترقيته.
ويهدف هذا المسعى إلى تعزيز المرجعية الدينية الوطنية وتكريم الهوية الدينية, من خلال مواصلة الحكومة لتنفيذ جميع الأعمال الهادفة إلى تعزيز المرجعية الدينية الوطنية, لاسيما استكمال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالأنشطة الدينية ذات العلاقة مع حماية الهوية الدينية وتطوير خطاب ديني معتدل وترقية ثقافة دينية أصيلة.
وتعكف الحكومة على مرافقة الجمعيات المعتمدة التي تقوم بالأنشطة المتعلقة بالشؤون الدينية وتدعيمها, مع السهر على احترام حرية العبادة لغير المسلمين في إطار الامتثال للتشريع والتنظيم المعمول بهما وإقامة نظام عبادة وطني متجانس, مما يسمح بتعزيز مكونات الهوية الوطنية والمحافظة عليها.
وتهتم الحكومة بتشجيع السياحة الدينية لجعلها همزة وصل ورابط روحي مع شعوب إفريقيا وبقية العالم وتعتزم تكييف برامج ومناهج التكوين وتحسين المستوى وتشجيع أنشطة الإرشاد الديني لفائدة المرأة, مع تعزيز الشبكة الوطنية للمساجد وتوحيد جوانبها المعمارية واستكمال إنشاء الهياكل المدمجة بمسجد الجزائر الأعظم (جامع الجزائر), إلى جانب تعزيز شبكة التعليم القرآني ونشر المؤلفات المرجعية.
ومن جهة أخرى, تلتزم الحكومة في مخطط عملها بتعزيز وترقية اللغتين العربية والأمازيغية, وذلك انطلاقا من حرصها على ترسيخ أسس الثقافة الجزائرية ونسيج هوية الأمة الغنية بتنوعها الثقافي, حيث ستواصل الحكومة العمل على ترقية اللغة العربية وتعزيزها, لاسيما من خلال تعميمها في المجالين العلمي والتكنولوجي, بالإضافة إلى تعزيز وتثمين الأمازيغية بتنوعاتها اللغوية, وإدماجها في مختلف مجالات الحياة العامة.
وفي هذا الصدد, ستسهر الحكومة, في إطار شراكة مع جميع المتدخلين, على ترقية اللغة الأمازيغية وتعميمها وإحياء ثقافتها, كما ستعمل على إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني.
أما فيما يتعلق بحفظ الذاكرة الوطنية باعتبارها الركيزة الأساسية لحماية مكونات الهوية والوحدة الوطنية, فإنها تشكل محورا رئيسيا في مخطط عمل الحكومة التي تعكف على الحفاظ على رموز وإنجازات المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وكذا ثورة الفاتح نوفمبر 1954 وتثمينها ونقلها.
وبهذا الصدد, ستسهر الحكومة على تحيين الترسانة القانونية المتعلقة بالذاكرة الوطنية واستكمال ملفات الذاكرة المتعلقة باسترجاع رفات وجماجم شهداء المقاومة الشعبية والأرشيف الوطني وتفجيرات التجارب النووية بالصحراء الجزائرية ومفقودي ثورة التحرير الوطني والملفات الأخرى المرتبطة بحالة المنفيين والمهجرين وكذا جميع أشكال الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية بحق الشعب الجزائري.
كما ستواصل الحكومة ترقية كتابة ونشر التاريخ الوطني وتدريسه للأجيال الجديدة ونقل قيم الفاتح نوفمبر 1954 من خلال استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال وإنشاء منصة رقمية لترقية تاريخ الجزائر من 1830 إلى 1962, مع مواصلة إعداد موسوعة عن تاريخ الجزائر بلغات مختلفة تسرد الأعمال البطولية والملاحم التي قام بها الشعب الجزائري خلال فترة الاستعمار.
وسيتم في ذات الإطار, ترقية الإنتاج السينمائي والإنتاج السمعي البصري حول تاريخ المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة الفاتح نوفمبر 1954 ورموزها وتكثيف أعمال جمع الشهادات وتسجيلها وتصنيفها ورقمنتها ونشرها بمشاركة مختلف وسائل الإعلام وترقية الدراسات المتخصصة في تاريخ الجزائر في جميع مراحله.
علاوة على ذلك, تتعهد الحكومة بتعزيز سياسة وطنية للسياحة التاريخية وعولمة التاريخ الوطني, من خلال إشراك الممثليات الدبلوماسية والجالية المقيمة في الخارج, كما ستسهر من جهة أخرى, على مواصلة وضع الآليات التشريعية والتنظيمية المناسبة وتطوير مقاربات جديدة من أجل تكفل أمثل بالوضع الاجتماعي للمجاهدين وذوي الحقوق والضحايا المدنيين وضحايا المتفجرات وذوي حقوقهم, بهدف الحفاظ على كرامتهم واحترام رموز ثورة التحرير الوطنية المجيدة.
المصدر: وكالة الأنباء الجزائرية