دعا رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، هذا الاثنين بمدينة شرم الشيخ المصرية، إلى "مقاربة شاملة في التعاون العربي-الأوروبي تأخذ بعين الاعتبار احترام الصلاحيات الوطنية والسيادية".
وقال بن صالح في كلمة له خلال اليوم الثاني والأخير من أشغال للقمة العربية-الأوروبية الأولى التي يشارك فيها بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أن مختلف الاهتمامات المتعلقة بمؤسسات التعاون العربي الأوروبي وأدوارها المنتظرة، "لا بد أن تندرج ضمن مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار احترام الصلاحيات الوطنية والسيادية في إطار احترام المبادئ المنظمة للعلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".
وبعد إشادته بـ"الحركية المعتبرة التي شهدها مسار التعاون بين الدول العربية والأوروبية خلال فترة وجيزة, توجت اليوم بانعقاد أول قمة عربية أوروبية", أكد بن صالح أنه "بات من الضروري بل ومن الحيوي لنا جميعا كشركاء في إطار مؤسسات التعاون العربي الأوروبي, إضفاء مزيد من الأهمية والفاعلية على الهياكل المؤسساتية للتعاون العربي الأوروبي على غرار مجموعات عمل الحوار الاستراتيجي, سيما في مجالات إدارة الأزمات والتصدي لها ومكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة, وتوحيد الجهود والرؤى في مواجهة الإرهاب العابر للحدود والتطرف العنيف والتعاطي مع أزمة الهجرة على مختلف مستوياتها".
وفي هذا الإطار, أكد بن صالح "استعداد الجزائر التام للإسهام في دعم وتعزيز الشراكة العربية-الأوروبية في مختلف المجالات, وفقا لرؤيتها القائمة على استغلال كل الفرص المتاحة لدى الجانبين وكل إمكانيات التعاون القائمة بما يؤدي إلى توسيع مجالات هذا التعاون وترقيته بشكل مستمر ومطرد".
وأضاف أن "عناية واهتمام الجزائر تركزت بهذا الإطار الأمثل للتعاون العربي الأوروبي منذ انطلاقه, وسعت سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف للدفع به إلى مستويات أعلى وأسمى, لاسيما في ظل التقارب المشجع في المواقف إزاء بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وشدد رئيس مجلس الأمة, على أن "المصالح الإستراتيجية التي تربط بين العالم العربي وأوروبا تفرض علينا إيلاء كل الاهتمام والعناية للارتقاء بهذا التعاون إلى مراتب أسمى وإعطائه الأولوية اللازمة به لمواجهة التحديات المشتركة الماثلة سيما في الظروف والتطورات الحاصلة, في خضم مرحلة دقيقة من واقع دولنا وشعوبنا التي استفحلت فيه الأزمات وتزايدت فيه بشكل مخيف بؤر التوتر وعوامل عدم الاستقرار".
الأحداث اثبتت نجاعة المقاربة الجزائرية في حل الأزمات
وفي حديثه عن هذه الأزمات, ذكر رئيس الغرفة العليا للبرلمان, بأن الجزائر "ما فتئت تدعو إلى مواصلة المساعي الدولية للتوصل إلى حل دائم وعادل وشامل للقضية الفلسطينية من خلال ضمان احترام تنفيذ قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية التي أكدت على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة في حدود 1967, عاصمتها القدس الشريف".
كما جدد دعوة الجزائر "لانتهاج وتبني مقاربتها, التي أثبتت الأيام والأحداث نجاعتها, في حل الأزمات التي تعصف بالمنطقة العربية على غرار الأزمات السورية واليمنية والليبية", وذلك من خلال "رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتفضيل الحلول السلمية السياسية من خلال الحوار الشامل والمصالحة الوطنية".
وفي ذات السياق, أوضح بن صالح أن الجزائر "لطالما حذرت من الآثار المترتبة عن الأزمة في ليبيا على الأمن والاستقرار في كامل المنطقة", وأشار إلى دعوتها الأطراف الليبية باستمرار إلى "وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتقديم التنازلات الضرورية للتوصل إلى حل سياسي توافقي في إطار مساعي الأمم المتحدة بما يحفظ سلامة ليبيا ووحدتها وسيادتها واستقرارها".
ولدى تطرقه إلى الأزمة السورية, ذكر بن صالح بموقف الجزائر التي "ما انفكت تعبر عن دعمها لجهود المبعوث الأممي وللمساعي الدولية الرامية إلى احترام اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا الشقيقة, ودعوة كافة الأطراف إلى الانخراط في الحركية الإيجابية لإيجاد تسوية سياسية للأزمة".
كما أكد إيمان الجزائر "الراسخ بإمكانيات وقدرات الشعب السوري الشقيق في إعلاء المصلحة العليا وتحقيق مصالحة وطنية شاملة من شأنها إخراج سوريا من هذه المحنة".
وفي الشأن اليمني, أعرب رئيس مجلس الأمة عن "تدعم الجزائر للحوار بين الفرقاء اليمنين برعاية الأمم المتحدة بما يكفل الحفاظ على وحدة الشعب اليمني وسيادته وسلامة أراضيه".
ومن جهة أخرى, تطرق بن صالح إلى ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف التي "تفاقمت وتعاظمت ارتباطاتها بالجريمة المنظمة العابرة للحدود, وتزايدت بالنتيجة التهديدات الناجمة عن عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب بسبب حالة اللاَّإستقرار الناجمة عن الاضطرابات والأزمات التي تعرفها المنطقة", داعيا إلى "تكثيف الجهود المشتركة, ثنائيا وكذا على المستوى المتعدد الأطراف, لمواجهتها وفق مقاربة شاملة ومنسجمة مع الشرعية الدولية."
وفي ختام كلمته, أعرب ممثل رئيس الجمهورية عن أمل الجزائر في أن تخرج هذه القمة بـ"رؤية استراتيجية متكاملة تشمل مختلف ميادين التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي تكون في مستوى عمق الروابط التاريخية وثقل التراث الإنساني والحضاري المشترك بيننا", وذلك بهدف "مواجهة كل هذه التحديات ورفع رهان البناء والتنمية وضمان أمن واستقرار السوق النفطي والتعاون لمواكبة التطورات التكنولوجية والعلمية, والحرص على حقوق وأمن الجاليات العربية المهاجرة المقيمة بديار المهجر بأوروبا".
ودعا إلى أن يتم ذلك في إطار "شراكة فعالة لمواجهة بؤر التوتر ومصادر الخطر على الدول العربية والأوروبية وتحقيق أمن اقليمي يسهم في تعزيز الأمن والسلم العالميين".